الأربعاء، يوليو 20، 2011

كلما زادت قيمة مشاعرك كلما قل عدد من يفهمها

فإما أن تعيش ضحل المشاعر كثير الناس
أو تعيش فياض المشاعر قليل الناس

الأحد، يوليو 03، 2011

موقف وعبرة (2) ، زينهم والشاش

ترددت قليلا قبل كتابة تلك الخاطرة ، حيث إنها ما زالت حديثة ولا أدرى ما سيفعل الزمان بها ، عادة ما نختبر صدق المواقف والأفعال بمرور الزمان وليس بشئ أفضل من الزمن لاختبار صدق الأفعال والمواقف ، فالزمن به الشدائد التي تمحص ما في الصدور ، وبه الدرهم والدينار اللذان يجليان النفوس ، وبه ذاتية الزمان التي تسطيع بمفردها أن تداوي كثير من الجروح وتعالج عددا لا بأس به من الأسقام ، والأهم أن ... تجلي لب القلوب



المكان  : استقبال مستشفى الأميري ، وهو مكان يخلو من مظاهر الشفاء ، 
ولأنها المستشفى الجامعي الحكومي الوحيد المفتوح لعامة الشعب فالطبيعي إن الأقبال عليها عالي جدا ، ومتوسط الحالات القادمة إليها حالة جديدة كل دقيقة وبرغم كدة تتكون من :
1- غرفتين وصالة من غير حمام ، كل غرفة فيها 4 سراير فقط والصالة مفيهاش سراير اصلا ولا حتى كراسي ، امال عاملينها ليه؟؟؟  طبعا عشان يوفرولنا اماكن نقف فيها ، كتر خيرهم ،

2- تمريض مش طايق نفسه ولا طايق اللي حواليه ، ولازم تحافظ على علاقتك الطيبة معاهم والا يبقى يومك ........ و .........
3- عدد 2 أطباء بالعدد نواب ( يعني متخرجين من سنتين أو تلاتة بالكتير ) ، وحوالي 10 دكاترة امتياز ، بيقضوا سنة التدريب بتاعتهم إجباريا في المستشفيات الجامعية الحكومية ،،
4- شوية سرنجات وقطن وشاش وجوانتيات وشرايط سكر ومستلزمات من دي عبارة عن ( عهدة ) للحفاظ عليها من السرقة والإسراف ولتعليمنا الأدب والاحترام قبل ما نتجرأ ونطلب أي حاجة منهم :)


الزمان : في إحدى نباطشيات النايت بالليل ، في بداية عملي بالاستقبال والطوارئ .


خلفية الحدث :
كالعادة مكان زحمة رغم ان فاضل ساعة والفجر يأذن ، وطبعا دة وقت الذروة بتاع 4 حاجات ،  أحلى وأجمل وأرق من بعض ، وغمض عينيييييييك واحلم معايااااا وخد عندك بقى
أولا : الحوادث طبعا دي غنية عن التعريف  ،
ثانيا : الخناقات - more suspense
ثالثا : حالات الانتحار - no comment
رابعا : محاضر السُكر مش السكّر  - wooow


أبطال الحدث :
 1-واحد من بتوع ( ثانيا ) ،،، هنسميه ....... زينهم ، زينهم شاب في بداية حياته لكن زي كتير من الناس ، واخد الدنيا بلطجة
2- دكتورة امتياز لسا بتقول يا هادي ، يارب تعدي السناااااادي :(
الأدوار الثانوية : ثلاث مرافقين لزينهم من أصدقائه ، والطيور على أشكالها تقع
خير اللهم ما اجعله خير ،وأنا واقفة في الاستقبال لقيت واحد رابط معصمه بشاش ( عادي طبعا ، دي أقل حاجة عندنا ) يبدو عليه علامات ... البلطجة ، ومعاه اتنين تلاتة صحابه ، لا يقلوا بلطجة عن بلطجته ،

وللوهلة الأولى عملت نفسي مشفتهمش وقلت أسيبهم لزمايلنا الولاد

يا دكتورة ، نادي أحدهم ،،
ايه دة ، هو شافني ؟؟؟؟ ربنا يستر
 
عملت نفسي مش واخدة بالي


 يا دكتورة ، بينادي تاني ، 
بصراحة اضطريت التفت ليه ، ورديت وانا ببلع ريقي برفق : نعم يا فندم  

الأخ البلطجي بنبرة مش عارفة طالعة منين(ومش عارفة ليه بيتعمدوا يتخنوا صوتهم كدة وهم بيتكلموا)
يقول ( بزعيق) : بقولك ايه ، انا بنزف ومفيش حد راضي يشوفني ، يعني اموت يعني ( طبعا هو لا بينزف ولا حاجة ، الجرح مستقر جدا ) ،،
يكمل الأخ البلطجي قائلا : على فكرة بقى انا لا يهمني دكاترة ولا حكومة وانا ممكن اقلبهالكم كدة واجيب عاليها واطيها ............
توقفت تعابير وجهي عن الحركة وقلت ( في سري طبعا ) تعالي خديني يا ماماتي 



وطبعا لأن احنا اتعودنا ان كل يوم نتصبح ونتمسى بخناقة حلوة ، لدرجة ان اليوم اللي بيعدي من غير خناقات الواحد نقول خير اللهم اجعله خير ، المهم قلت كدة شدي حيلك يا ايمان وحاولي تتصرفي بدل ما الاستقبال يتقلب والدنيا مش ناقصة
شديت حيلي وقلت: خير يا فندم ، سلامتك مال ايديك
الأخ البلطجي : ايدي بتنزف وكل شوية يقولولي عايزين نشوفها وانا مش عايز اخلع الشاش 
( طب ناوي تتعالج ازاي ، عن بعد يعني ؟؟ )
قلتله : معلش حضرتك متخفش الجرح واضح انه مستقر ، وانت عارف حضرتك لازم النواب هنا يشوفوا جرحك عشان يعملوا الاجراءات اللازمة وتروح تتخيط بسرعة
الأخ البلطجي : وانا مش عايز حد يشوفني وعايز أتحول على طوارئ الجراحة علطول
فقلتله : معلش حضرتك متقلقش  كله هيخلص باذن الله ، انا بقولك كدة عشان مصلحتك بدل ما تنتظر ، لو ساعدتنا هتخلص بسرعة أكتر، وانا هروح فورا اناديلك النائب تيجي تشوفك وتخلصك بسرعة ، بس حضرتك انتظر شوية جوا في عنبر الرجال

وزيادة في التأكيد شاورت لأهدى واحد كان جاي معاهم على أمل ان يحصل أن تفاهم وأمنع وقوع جريمة :)
قلتله: حضرتك اسمك ايه ؟؟
قال : كذا  
قلت : طيب وهو ؟    
قال : زينهم
معلومة على جنب : بيفرق جدا مع العيان او مع أهله اننا نناديهم باساميهم مش مجرد نقول : انت وانتي  
 
قلتله : طيب ممكن يا فلان تهدي زينهم وتقولله ميقلقش الموضوع بسيط بس هو لو فضل يزعق ويتعامل بالطريقة دي ممكن تحصل مشكلة وميخيطش ، فانا عايزاك بالراحة تفهمه انه لازم يهدى شوية ويشيل الشاش عشان النواب يشوفوه لان  دة نظام المستشفى وكله لمصلحتكم ولازم نحترمه ، وكدة كدة الجرح مستقر جدا وهو صبر بقاله كام ساعة مجتش من خمس دقايق ، يلا روح هديه لمصلحته

ورحت ناديت النائبة ، وراحت شافته وسبتها معاهم ، وخلاص نسيتهم ورحت لحالات تانية
 .
.
.
.
.
.
.

شوية ولقيت صوت بيقوللي : أنا اسف يا دكتورة متزعليش مني
انتبهت ان الصوت دة ليا ، ولفيت عشان اشوف مين اللي بيكلمني 
المفاجأة 
.
.
.
.
.
.
.
إنه الأخ البلطجي

نظرت له باستغراب شديد ، بحاول أفهم سبب التغير السريع ،
 
وقلتله : مفيش مشاكل وشفاك الله وعافاك ،
وذهب.... وذهبت...





ولكن ما لم يذهب هو الدرس الذي تعلمته ، صحيح أنني عندما تصرفت كنت أتصرف فحسب ولا أعرف ما سيحدث بعد ثواني معه ، وكنت أعتبرها مجازفة أن أتحدث معهم أساسا ولكن غلبني صوت الضمير بأن أنقذ موقف ،  و لم أكن أتوقع أبدا أن يتحول هذا الوحش ليس فقط لشخص هادئ ، بل لشخص ........ مؤدب !!!!!


 صحيح الرفق يأسر القلوب ، وما دخل الرفق في شئ إلا زانه ، لم ينطق رسولنا عن الهوا ، صلى الله عليه وسلم
سابقا ، كنت  أعتقد أن للرفق شروط ، وكنت أتجنب ما أستطيع تجنبه من المواقف الصعبة أو المعاملات مع مثل هؤلاء الناس ، كان بداخلي شعور أن الرفق نعم جميل ولكن له سقف ويصلح فقط لبعض الناس ، وهم من ينطبق عليهم الحديث النبوي
ولكن حقا صدمني ذلك الموقف ، وتوقف أمامه كثيرا كثيرا ، ليتني أستطيع أن أوصل لكم الموقف كما هو ، كي تقدروا المفعول السحري للرفق ، لا أعرف لما لا يجرب الناس الرفق في التعامل مع بعضهم البعض ، نعم وحده لا يكفي لإنجاح العلاقات ، ولكن على الأقل سنقطع أشواطا في مباراة الحياة بيننا وبين رفقائنا ، أحبائنا وحتى أعدائنا


عندما تتعامل مع أحد برفق فأنت تستفز مشاعر الكرامة والشهامة التي حتما موجودة بداخله أيا كان
عندما تتعامل مع شخص بذوق عال فأنت تضعه داخل إطار معين ، إطار يشعره بنفسه وأهميته وكرامته ، فيرد من نفس المنطلق الذي وضعته فيه ، حتى ولو كان فيه شئ من التصنع ،
عندما تتعامل مع شخص برقي فأنت ترفع عنه تردد رد الفعل لأنك وجهته بشكل غير مباشر إلى أن يرد بنفس الشكل الذي عاملته به  ، ربما لو تركت له فرصة التفكير لاختار رد فعل أسوأ ، ولكن حتمية الرد المباشر تدفعه إلى حسم الأمر برد الفعل الأقرب إلى ذهنه ، وغالبا سيكون الأقرب إليه وقتها هو آخر تعامل رأته عينيه وسمعته أذنيه ، وهو ما فعلته معه لتوك


في عالم قيادة السيارات يتمثل إليك المجتمع بشكل مصغر بجميع تفاوتاته تقريبا ، ,وبرغم مئات المشاجرات التي تحدث يوميا ، إلا أني على يقين أنه يمكن تجنب ثلاث أرباعها بشئ من الرفق ، فمثلا إذا أردت أن تأخذ دورا بين السيارات أثناء خروجك من شارع أو غيره ، فاستأذنت أحد السيارات على ذلك فسيستجيب لك بابتسامة ، في حين أنك إذا (كسرت عليه ) فأقل ما سيفعله أنه سيرطب آذنيك بسُبة ( شتيمة ) ، وشتان بين هذا وذاك ، وحتى إذا حدث خطأ بسيط وبادرت بالاعتذار فإنك - في معظم الأحيان - ستمتص غضب من أمامك وسيمر الموقف بسلام ،، وإلى آخره من المواقف ،،،، وهكذا الحياة


باختصار ، لن يكلفنا الرفق أو حتى تكلفه ، الكثير من الجهد في مقابل ما سنحصل عليه من استقرار في حياتنا

صحيح أن اكتساب الصفات ليس بالأمر السهل ولكنه أيضا ليس بالأمر الصعب ولكن يحتاج إلى أهم عامل ، ألا وهو ............................ الوقت ، تصنع الرفق حتى تكتسبه

فإنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم